لشاعر بشري العدلي
أمس الساعة 03:26 مساءً
لغتنا العربية بين الفصحي و العامية
بقلم /بشري العدلي محمد
كلما اتسعت دائرة اللغة ،وحفلت بالمفردات ،واتسمت بالخصوبة والغناء ،كلما وجد أدبها ميدانا فسيحا للتعبير عن مشاعر أهلها ،والاستجابه لآرائهم وأفكارهم وخواطرهم ،ولغتنا العربية مليئة بكثرة المترادفات ، وسعة الاشتقاق ، وكان العرب قديما يتقنونها خالصة نقية لا كلفة فيها ،وﻻ لوثة ' يستجيب أحدهم لقريحته، فتفتر عن درة عصماء ، تتجاوز المئة بيت ولا تجد فيها وقفة لمتنطع ، ولا خطأ أو لحنا ،وهو أعرابي في شملته ، لم يعرف من الحضارة إلا اسمها ، ولم يدر بخلده أن هذا الذي ينطق به عفو السجية ، وطوع الطبع ؛ ولا شك أن هذه اللغة أفادها القرآن من وجهين ،فقد أضفي عليها رونقا وجمالا و جلالا ،وسعة في المفردات ،وكثرة في المشتقات من جهة ،وحفظها من التلاشي واﻻنهيار من جهة أخري .
إن اللغة العربية قد بقي لها تراث ضخم وهم حفظة القرآن الكريم ، ومن الأدباء والمثقين الذين يحتفظون باللغة العربية السليمة ،أما بقية الناطقين بها ، فقد تفشت فيهم العامية و غلبت عليهم اللكنات الأعجمية ، لأسباب كثيرة أهمها :- اتساع الفتوحات في العصور الإسلامية و إمتزاج العرب بغيرهم من الأجناس الأخري ، و التزاوج معهم ، و استيطان بلدانهم ، ثم ما أصاب الأمه العربية من تغلب أعدائها عليها من الفرس و التتار و الإنجليز و الفرنسيين و غيرهم فأدي هذا لضعف اللغة العربية .
إن ما يثير أشجاني و يزيد همومي تلك اللغة الأعجمية التي تسربت إلي لغتنا العربية و تلك اللهجات العامية التي قضت علي الفصحي في حياتنا ، وبالتالي فقدت الوحدة التي تجمع اللسان العربي ، والعجب كل العجب أن بعض كتابنا و أدبائنا و المشرقين علي شؤون التربية و التعليم في بعض البلدان العربية يدعون إلي العامية بحجة أنها تسهل علي الطالب فهم المصطلحات العلمية ، و البحوث الشائكة و معنى هذا القضاء علي هذه الوحدة التي تميز الأمة العربية . إن المسؤولية في الحفاظ علي اللغة العربية مسؤولية مشتركة بين الأسرة و المدرسة و المسجد و الإعلام ؛ فالكل يجب أن يدرك الخطر المحدق بلغتنا العربية و بشبابنا الذي يراد به اﻻسلاخ من لغته ودينه و قيمه بالهروب إلى اللغة العامية ،حيث تواجهه حرب ضروس في الشارع و الإعلام من كلمات و ألفاظ تخرج عن المألوف عن أسماعنا و هي خليط من العربية و الأجنبية ،فيا حراس اللغة العربية عليكم المسؤولية تجاه الحفاظ عليها ' و حماية شبابنا من هذا الخبط و اللبط في الحديث و التعبير عن مفردات الحياة البسيطة ، فإن الغالبية العظمي من شبابنا غير قادر علي التعبير عن موقف ما أو شعور ما يشعربه بلغة سليمة خالية من الأخطاء ، فهل هذا ما أمرنا به الدين ؟ وهل آن الأوان لندرك الخطر المحيط بنا؟
إنني من خﻻل دراستي الطويلة كمعلم للغة العربية أرى أن اللغة في خطر وهذا الخطر يكمن في أصحابها وأقصد الحارسين لها والمعلمين الذين يجب أن يكونوا قدوة في التحدث بالفصحى وتجنب العامبة في طريقة تعاملهم ' وكذلك المسؤولية على اﻹعﻻم بكافة مستوياته المسموعة والمرئية والمكتوبة' وأنا على يقين بأن هناك غيورين كثيرين على اللغة سيعملون بقدر طاقتهم للحفاظ على لغتنا العربية والحفاظ على هويتنا وعروبتنا من أجل غد مشرق وأفضل إن شاء الله.