.... قصة قصيــرة .....
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
بقلم / عبدالمجيد الديّهي
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, القيـــــم التي راحت ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
دخلت العمارة ..اتجهت صوب الشقة .. ضغطت علي ذر الجرس
فتح لها .. ثم ذعاها للدخول .. شقت طريقها الي الداخل .. التـفــت
اليها ضاحكا .. لم يعد هناك ثمة شيئ يغريه .. انه تعود علي مـثل
هذه السهرات .. لكنها ليست كالأخريات .. لها جمال آخاذ .. وقوام
مفتون .. حقا انها جميلة ..وجد نفسه يتطلع اليها كأنه لم يري نساء
من قبل .. والثوب الواسع الفضفاض ..يكشف عن النهدين البديعين
في اغراء وفتنة ..انفرجت عن شفتاه ابتسامة باهته ..واقترب منها
رائحة عطرها يذيب الأعصاب .. امتدت يده وامسكت يـــــــــــدها
تلعثمت .. ارتدت الي الوراء .. بحلق فيها .. اشاحت بـــوجهها الي
الناحية الأخري .. ودقت نواقيس الحياء بداخلها .. وانزوي الحــزن
في الجانب الآخر منها .. كاد ان يعصرها .. لم تـســتطيع ان تقاوم
انفجرت تبكي .. انتبه من رغبته البهيمية علي دموعها التي اخذت
منه اجمل لحظات النشوي .. همس لها .. ماذا حدث .!.؟. غمغمـت
وهمهمت بكلمات تطايرت من بين شفاها .. لم يفهم مـعـنـاها .. ماذا
دهاها .!.؟. رأي اصابعها تتحسس قنوات الدمع الساقط مــن مقلتيها
اصابع طويلة رفيعة بيضاء في لون خماسية الدوائر الثلجية البيضاء
الندية .. مسحت بظهر كف يديها الدموع التي بللت خديها بــــرحيق
الحزن الذي عشش في دواخل ذاتها .. واخرجت منديلا ورقيا مــــن
شنطتها وتمخطت فيه بطريقة فطرية .. عفوية .. عادية .. كأنــهــا
تجلس مع احدي صديقاتها .. تعجب .. راحت الأفكار تـضــــــارب
وتتلاحق في رأسه .. راودته الرغبة في البحث عن شيئ .. ما .. لا
يعرفه .. تردد .. وضع يده في جيبه واخرج علبة السجائر واشــعـل
واحدة .. وراح ينفث دخانها في صمت .. تري .. ماذا دهاها .!.رفع
بصره اليها .. وانعكست افكاره علي الجانب الآخـــر مــن وجـهـهــا
حدث نفسه ..ايمكن ان تكون بنت بنوت لم تتزوج بعد .!. ربـــمــــا
لكن ما الفائدة ان كانت هيّ التي اختارت هذا الطــريق .!. وما ذتبي
انا .. ايوه .!. ما ذتبي انا فيما هيّ فيه الآن .!. ولماذا جاءت الي هنا
اجاءت لتبكي وتقلبها نكد .!. الله يجازيك يا حسيــن .!. اتجه نحـــــو
المائدة .. خلف الأكواب وكؤوس الشراب اطباق كبيرة كثيرة تقــرع
آذان المحروم من الطعام بألوانها المتعددة .. والـمـعـدة .. بعناية فائقة
بأصناف مختلفة من كل ما لذ وطاب .. جلس امامها .. ودارت عينه
في صمت تتحسس جسدها الفارع .. الطويل .. الذي يشبه الفــــرسة
العربية الأصيلة .. وخصرها .. الذي ينساب من اســفـل في رشــاقة
كعود الخيرزان الطري الذي يتلوي كقطعة ملبن عجميّ .. انـفـجـــر
يضحك .!. ده .. كلام .!. ايه بس إللي حصل مني زعلك بالـشــكــل
المحزن الذي آراكِ عليه .!. اذهبي الي غرفة النوم وغيري ملابسك
الحمام في نهاية الطرقة .. ادخلي الحمام .. المياه الباردة ســـــــــوف
تنعشك .. ستجعلك اكثر نشاطا .. ما اسمك .؟. احست ان الهمهــمات
المختلطة الصامتة التي بداخلها ستزيد الأمر سوءا .. ياسيدي .. انني
اعيش اللحظة واللحظة التي بعدها لست ادري ما الـــذي يمكــــن ان
يحدث فيها .. ابتسم في خبث .. يبدوا انها مثقفة .. ومتعلمة .. تراجع
بالمقعد الي الوراء .. وانطلقت كلماته في سخرية .. ولماذا يا بـنــــت
الحلال هذا التشاؤم .!. ضمت شفتيها في ضيق .. غريب امر هـــــذا
الإنسان .!.دائما وابدا كانت تتصوره انسان آخر ..يعيش في عالم آخر
بعيد عن هذا العالم الذي نعيش نحن فيه .!.اتراها اخطأت في المجيئ
اليه .. ربما .. ولكن لا بأس من اراحة النفس .. والعقل .. من الأفـكار
تلك هيّ الطريقة .. ان لم يكن هناك مفر .. نهض من مكانه واقتــرب
منها والتمعت في عينيه بريق الرغبة المكبوته .. هيّ انثي وتعـــرف
ذلك تماما .. انتبهت للأمر .. واخذت حذرها منه .. وبــدأت قــــدميها
تتراجعان الي الوراء .. والآن .. الآن فقط .. ادركت انه يــريـــــــدها
وسوف يحدث ما لايحمد عقباه .. لا بأس .. سوف اصرخ .. واصـرخ
واصرخ .. ولن اكف عن الصراخ ..وتلاشت أصداء افكارها المختلطة
مع رنين جرس الباب .. ارتبك .. ارتبكت .. ســـاد الصمت بـيـنـهـمـا
للحظات كدهر من الزمن .. طلب منها الجلوس في الصالون .. جلست
دون تردد .. لاريب انني اخطأت في المجيئ الي هنا .!. لكنه وعدني
هه .. وعدني .!. انه لم يتذكرني .!. وكيف له ان يتذكرني وانا طالبة
من بين الوف مألفة من الطالبات التي تدرس وتتعلم بين اسوار الحـرم
الجامعي .!.هه .!. وكيف له ان يتذكرني وهذا الجو الموبوء الــــــذي
يعيش فيه .!. اين المبادئ التي دائما ما يتحدث عنها .!. ايـن القيـم.!.
قيم .!.مبادئ.!. اخلاقيات .!. حلال .!. حرام .!. صدق .!. اخلاص.!.
هراء .. كله هراء في هراء .!. زمن المبادئ والأخلاقيات ذهب مــــع
الريح .!.ذهب الي حيث لارجعة .!. لاعودة.!. قطع حديثها مع نفسها
صارخا متسائلا بعد ان جاءت ربة العفاف .. سليلة السهرات الحمـراء
بالخارج ..من انتِ ..من انتِ إذا .!.؟. جاءه صوتها .. واهنا .. حـزينا
انا يا دكتور الطالبة التي وعدتها بتقديم يد المساعدة لها لظروف والدتي
المريضة .. واسرتي الفقيرة .. ويكفيني من سيادتكم بعض المــذكرات
التي لا استطيع دفع ثمنها الذي يقترب من ثلاثة ارباع معاش والــــدي
الله يرحمه .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, تــــــــمــــــــــت ,,,,,,,,,,,,,,,,,,
بقلم / عبدالمجيد الديّهي
جمهورية مصر العــــــربية
من المجموعة القصـصية
ظلال الـــــــــــــــــــــروح
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,