مجلة حروف من الياسمين *** "إضاءات لغوية - معاً لإحياء اللغة العربية " بقلم الشاعر / محي الدين
كاتب الموضوع
رسالة
voller-9 المدير العام
عدد المساهمات : 1148 تاريخ التسجيل : 05/08/2015 العمر : 54 الموقع : www.Facebook.com
موضوع: مجلة حروف من الياسمين *** "إضاءات لغوية - معاً لإحياء اللغة العربية " بقلم الشاعر / محي الدين الخميس سبتمبر 03, 2015 10:48 am
إضاءات لغوية - معاً لإحياء اللغة العربية - الحلقة الاولى :-
قال الجاحظ في كتابه ( البيان والتبيين ):
" والبيان اسم جامع لكلِّ شيءٍ كشف لك قِناع المعنى، وهتك الحِجاب دونَ الضمير، حتى يفْضِي السامع إلى حقيقته، ويهجم على محصولِهِ كائناً ما كان ذلك
البيانُ، ومن أي جنسٍ كان ذلك الدليل؛ لأنّ مدار الأمرِ والغايةَ التي إليها يجرِي القائل والسامع، إنما هو الفَهم والإفهام؛ فبأي شيءٍ بلغت الإفهام
وأوضحت عن المعنى، فذلك هو البيانُ في ذلك الموضع"
voller-9 المدير العام
عدد المساهمات : 1148 تاريخ التسجيل : 05/08/2015 العمر : 54 الموقع : www.Facebook.com
موضوع: رد: مجلة حروف من الياسمين *** "إضاءات لغوية - معاً لإحياء اللغة العربية " بقلم الشاعر / محي الدين الخميس سبتمبر 03, 2015 10:54 am
إضاءات لغوية - معاً لإحياء اللغة العربية الحلقة الثانية من :-
{{{من كتاب ( البيان والتبيين ) }}} اختيار وتعليق أحمد ع. زنبركجي. ..................................................
يروي الجاحظ يرحمه الله أن بشر بن المعتمر مرّ بفتيان يتعلمون من الخطيب إبراهيم بن جبلة أصول الخطابة، فدفع إليهم بشر بكتاب له جاء فيه: " خذْ من نفسِك ساعةَ نشاطِك وفراغِ بالك وإجابتِها إياك، فإنّ قليل تلك الساعةِ أكرم جوهراً، وأشرف حسباً، وأحسن في الأسماع، وأحلَى في الصدور، وأسلَم من فاحش الخَطَاءِ، وأجلَب لكلِّ عين وغرةٍ، مِن لفظٍ شريف ومعنى بديع، واعلَم أنّ ذلك أجدى عليك مما يعطيك يومك الأطول، بالكد والمطاولة والمجاهدة، وبالتكلُّف والمعاودة، ومهما أخطأَك لم يخطئْك أن يكون مقبولاً قَصداً، وخفيفاً على اللِّسان سهلاً؛ وكما خرج من ينبوعه ونجم من معدِنه"
........................
{{{ زبدة الكلام السابق أن على الأديب أو الخطيب أن يتخيّر للكتابة أو الإعداد للخطبة وقتا مناسبا يكون فيه مرتاحا صافي الذهن }}} ....................... نتابع: " وإياك والتوعر، فإنّ التوعر يسلمِك إلى التعقيد، والتعقيد هو الذي يستهلك معانيك، ويشين ألفاظك"
...................... {{{ إنه يحذر من المغالاة في تعقيد الكلام }}} .....................
نتابع: " ومن أَراد معنى كريماً فليلتمِس له لفظاً كريماً؛ فإنّ حق المعنى الشريفِ اللفظ الشريف، ومن حقِّهما أن تصونهما عما يفسدهما ويهجنهما، وعما تعود من أجله أن تكونَ أسوأَ حالاً مِنك قبل أن تلتمس إظهارهما، وترتهن نفسك بملابستِهما وقضاءِ حقِّهما"
.................... {{{ يرى أن هناك تلازما واجبا بين جودة المعنى وجودة اللفظ الذي وضع للتعبير عنه }}}
.................... نتابع: ( نتابع في الحلقة القادمة بإذن الله )
voller-9 المدير العام
عدد المساهمات : 1148 تاريخ التسجيل : 05/08/2015 العمر : 54 الموقع : www.Facebook.com
موضوع: رد: مجلة حروف من الياسمين *** "إضاءات لغوية - معاً لإحياء اللغة العربية " بقلم الشاعر / محي الدين الخميس سبتمبر 03, 2015 4:30 pm
اضاءات لغوية - معاً لإحياء اللغة العربية الحلقة الثالثة من:-
{{{ من كتاب " البيان والتبيين للجاحظ }}} اختيار وتعليق أحمد عبد الكريم زنبركجي. ...............................................................
نتابع ما جاء في الحلقة السابقة: قال أبو عثمان الجاحظ رحمه الله نقلا عن بشر بن المعتمر: " فإن كانت المترلة الأولى لا تواتيك ولا تعتريك ولا تسمح لك عند أول نظَرك وفي أول تكلُّفك، وتجد اللّفْظة لم تقع موقعها ولم تصر إلى قرارها وإلى حقِّها من أماكنها المقسومة لها، والقافيةَ لم ُ تحلَّ في مركزها وفي نِصابها، ولم تتصل بشكلها، وكانت قلقةً في مكانها، نافرةً مِن موضعها، فلا تكْرِهها على اغتصاب الأماكن، والترولِ في غير أوطانها"
....................
أقول: {{{ المنزلة الأولى هي منزلة مطاوعة اللسان أو القلم للجنان، والمقدرة على حسن البيان، عن طبع وإجادة صنعة. فإن لم يقدر المرء على هذه المنزلة الراقية، ووجد أن نثره أو شعره فيه من القلق والخلل ما يُعكِّره؛ فعليه أن يتوقف ولا يتابع الكتابة }}}
...................
نتابع نقل الجاحظ عن بشر: " فإنك إذا لم تتعاطَ قرض الشعر الموزون، ولم تتكلَّف اختيار الكلام المنثور، لم يعِبك بترك ذلك أحد، فإنْ أنت تكلّفتهما ولم تكن حاذقاً مطبوعاً ولا محكماً لشأنك، بصيراً بما عليك وما لَك، عابك من أنت أقلُّ عيباً منه، ورأى من هو دونك أنه فوقَك"
..................
{{{ أي إن على من ليسوا أهلا للأدب والشعر ألا يقحموا أنفسهم في هذه المعمعة، حتى يقوا أنفسهم أن يسمعوا أناسا أدنى منهم منزلة في صنعة الأدب يَعيبونهم }}}
..................
نتابع: " فإن ابتليت بأنّ تتكلَف القولَ، وتتعاطى الصنعةَ، ولم تسمح لك الطِّباع في أول وهلة، وتعاصى عليك بعد إجالة الفكرة، فلا تعجلْ ولا تضجر، ودعه بياض يومك وسواد ليلتِك، وعاوِده عند نشاطِك وفراغِ بالك؛ فإنك لا تعدم الإجابة والمواتاة، إن كانت هناك طبيعةٌ، أو جريت من الصناعة على عرق"
.................
{{{ أي إن كنتَ من أهل المنزلة الثانية، ممن عندهم أبرز مقومات الفن الأدبي، وممن هم على علم بهذه الصناعة؛ وأصابك الجَهد والعنَتُ في التأليف فإن عليك أن تتوقف عن الكتابة يوما كاملا، وتعود إليها في وقت مناسب تكون فيه صافي الذهن نشيطا}}}
.................
نتابع قول أبي عثمان عن بشر: " فإن تمنع عليك بعد ذلك من غير حاد شغلٍ عِرض، ومن غير طول إهمال فالمترلُة الثّالثُة أن تتحولَ من هذه الصناعة إلى أشهى الصناعاتِ إليك، وأخفّها عليك... والشيءُ لا يحِن إلاّ إلى ما يشاكُله، وإن كانت المشاكلة قد تكون في طبقات؛ لأن النفوس لا تجود بمكنونها مع الرغْبة، ولا تسمحِ بمخزونها مع الرهبة، كما تجود به مع الشهوة والمحبة..
..................
{{{ إن عملتَ بتلك النصيحة، ثم لم تفلح في الكتابة؛ فقد صرت إلى المنزلة الثالثة، وعليك أن تصرف جهدك إلى عمل آخر يناسبك، ويناسب ميولك ومواهبك. فالأدب لا يستقيم بمجرد الرغبة، ولا يستقيم كذلك مع الخوف والرهبة. ولا بد للنجاح من موهبة وحب حقيقي للأدب والشعر }}}
.................. نتابع.. ( في الحلقة القادمة بإذن الله)
voller-9 المدير العام
عدد المساهمات : 1148 تاريخ التسجيل : 05/08/2015 العمر : 54 الموقع : www.Facebook.com
موضوع: رد: مجلة حروف من الياسمين *** "إضاءات لغوية - معاً لإحياء اللغة العربية " بقلم الشاعر / محي الدين الخميس سبتمبر 03, 2015 5:03 pm
إضاءات لغوية - معاً لإحياء اللغة العربية الحلقة الرابعة من:-
{{{ من كتاب " البيان والتبيين للجاحظ }}} يختارها لكم، ويعلق عليها/ أحمد عبد الكريم زنبركجي.
قال أبو عثمان رحمه الله ناقلا ما جاء في كتاب بشر بن المعتمر: " ينبغي للمتكلّم أن يعرِفَ أقدارَ المعاني، ويوازنَ بينها وبين أقدار المستمعين وبين أقدار الحالات، فيجعلَ لكلِّ طبقةٍ من ذلك كلاماً، ولكلّ حالةٍ من ذلك مقاماً، حتى يُقَسِّم أقدارَ الكلامِ على أقدار المعاني، ويُقَسِّمَ أقدارَ المعاني على أقدارِ المقاماتِ، وأقدارَ المستمعين على أقدارِ تلك الحالات"
...................
{{{ يرى الجاحظ - كما يرى بِشْر - أن على الأديب أن يراعي حال المخاطَب، فيكلمه بالأسلوب الذي يناسب فهمه، وبالألفاظ التي يألفها، وبالمعاني والفِكَر التي تنسب ثقافته. وهذا يذكرنا ببشار بن برد الذي خاطب جاريته بشعر على قدرها، فقال: ربابة ربة البيتِ ... تصب الخل في الزيتِ لها عشرُ دجاجاتٍ ... وديكٌ حسنُ الصوتِ ودافع عن هذا بقوله: إنه أحَبُّ إليها من " قِفا نبكِ" معلقة امرئ القيس.
فائدة لغوية على الهامش: قال: ( ينبغي للمتكلم ) استخدم حرف اللام ، وهذا هو الصواب، وبه جاء القرآن الكريم: " وما علمناه الشعر وما ينبغي له " لم يستخدم " على" }}}
...................
نتابع قول الجاحظ نقلا عن بِشر: " فإن كان الخطيبُ متكلِّماً تجنَّبَ ألفاظ المتكلِّمين، كما أنه إنْ عبَّرَ عن شيءٍ مِن صناعة الكلام واصفاً أو مجيباً أو سائلاً، كان أَولى الألفاظِ به ألفاظَ المتكلمين؛ إذْ كانوا لتلك العباراتِ أَفْهَمَ، وإلى تلك الألفاظِ أَمْيَلَ، وإليها أحَنَّ وبها أَشغفَ؛ ولأنَّ كبارَ المتكلمين ورؤساءَ النَّظّارين كانوا فوقَ أكثرِِ الخُطَباءِ، وأبلَغَ مِن كثير من البُلَغاءِ، وهم تَخَيَّروا تلك الألفاظَ لتلك المعاني، وهم اشتقُّوا لها مِن كلامِ العربِ تلك الأسماءَ، وهم اصطلحوا على تسميةِ ما لم يَكنْ له في لغة العربِ اسمٌ، فصاروا في ذلك سلفاً لكلِّ خَلَفٍ، وقُدوةً لكلّ تابعٍ"
...................
{{{ هناك علم اسمه " المذهب الكلامي" أو " علم الكلام" والمتكلمون هم أهل هذا العلم الذي يعتمد على المُحاجّة المنطقية في القضايا الإيمانية. وهنا يرى الجاحظ أن على الأديب و الخطيب المنتسب إلأى هذه الفئة من أهل العلم أن يتجنب أساليبهم وألفاظهم في مخاطبة الناس، على حين أنه يجب عليه استخدام تلك الأساليب والألفاط إنْ هو خاض فيما يتعلق بعلم الكلام. ويرى أن " للمتكلمين " فضلا كبيرا على اللغة في وضع مصطلحات جديدة تخدم هذا العلم.
...................
نتابع.. ( في الحلقة القادمة بإذن الله)
voller-9 المدير العام
عدد المساهمات : 1148 تاريخ التسجيل : 05/08/2015 العمر : 54 الموقع : www.Facebook.com
موضوع: رد: مجلة حروف من الياسمين *** "إضاءات لغوية - معاً لإحياء اللغة العربية " بقلم الشاعر / محي الدين الخميس سبتمبر 03, 2015 5:40 pm
إضاءات لغوية - معاً لإحياء اللغة العربية الحلقة الخامسة من:-
{{{ من كتاب " البيان والتبيين للجاحظ }}} يختارها لكم، ويعلق عليها/ أحمد عبد الكريم زنبركجي.
قال أبو عثمان رحمه الله وهو يواصل النقل عن كتاب بشر بن المعتمر:
"وكما لا ينبغي أن يكون اللفظ عامياً، وساقطاً سوقياً، فكذلك لا ينبغي أن يكون غريباً وحْشياً؛ إلاّ أنْ يكون المتكلِّم بدوياً أعرابياً؛ فإن الوحشي من الكلام يفهمه الوحشي من الناس، كما يفهم السوقي رِطَانة السوقي"
................
{{{ يرى بشر - والجاحظ معه - أن خير الألفاظ ما سلم من الابتذال والعامية، ولم يكن غريبا معقَّدًا.
ويستثني من ذلك أن يكون المتحدث نفسه من العامة، يستخدم لغتهم السوقية، أو من البدْو، يستخدم ألفاظهم الوحشية الغريبة. و ( الرطانة ) بكسر الراء وفتحها هي التكلم بلغة السوقة المختلطة بالعامية والأعجمية، أو اللغة غير الواضحة...}}}
................
نتابع.. " وكلام الناس في طبقاتٍ كما أنّ الناس أنفسَهم في طبقات، فمن الكلام الجَزلُ والسخيف، والمليحُ والحسَن، والقبيح والسمج، والخفيف والثقيل وكلُّه عربي، وبكلٍّ قد تكلَّموا، وبكلٍّ قد تَمادَحوا وتَعايَبوا"
................
{{{ يقول إن لكل طبقة من الناس لغة متعارَف عليها، وأساليب لغوية خاصة. ولهذا نجد الكلام أنواعا مختلفة في صفات الجمال والرشاقة والفصاحة حسب اختلاف هذه الطبقات }}}
...............
نتابع.. " فإنْ زعم زاعم أنه لم يكن في كلامهم تفاضل، ولا بينهم في ذلك تفاوت، فلم ذكروا العِيي والبكئَ، والحَصِر والمُفحم، والخِطِل واُلمسهب، والمتشدق، والمتفيهق، والمِهمار، والّثرثار، والمِكثار والهَمّار؟ ولِم ذكروا الهُجْرَ والهَذَر، والهَذَيانَ، والتخليط، وقالوا: رجُل تِلقّاعة، وفلان يتلَهيع في خطبته؟ وقالوا: فلانٌ يخطِئ في جوابه، ويُحِيل في كلامه، ويناقِض في خبره، ولولا أنّ هذه الأمور قد كانت تكون في بعضهم دونَ بعض لَما سمى ذلك البعض البعض الآخر بهذه الأسماء"
..............
{{{ يعطي بِشْرٌ الأدلّةَ على وجود هذا التفاضل والتباين بين مراتب الكلام بإيراد الصفات التي أطلقت على الكلام وعلى قائليه كالعيي والبكئ و...إلخ.
- العييّ هو العاجز عن البيان بالكلام. - البَكِئُ هو قليل الكلام. - الحصِر هو الذي فيه شيء من العي.
- المفْحَم هو ضعيف الحجة، يغلبه الآخرون بحجّتهم. - الخطِل هو مضطرب الكلام فاسدُه. - المسْهِب هو المُطيل في كلامه.
- المتشدّق هو الذي يلوي فمه في الكلام ليتفاصح. - المتفيهق بمعنى المتشدق أيضا، أو هو المتفاصح . - المهمار والهمّار هو المهذار، كثير الكلام مع الخطأ.
- الهُجْر هو الهذيان والقول القبيح.. - رجل تلقّاعة أي ثرثار متشدّق. - يتهيلع أي يَضْعف. - يحيل في كلامه أي يتناقض.
يقول: لو كانت هذه الصفات عامة في كل الناس لما كانت موجودة.
.................. نتابع.. ( في الحلقة القادمة بإذن الله )
voller-9 المدير العام
عدد المساهمات : 1148 تاريخ التسجيل : 05/08/2015 العمر : 54 الموقع : www.Facebook.com
موضوع: رد: مجلة حروف من الياسمين *** "إضاءات لغوية - معاً لإحياء اللغة العربية " بقلم الشاعر / محي الدين الخميس سبتمبر 03, 2015 5:55 pm
إضاءات لغوية - معاً لإحياء اللغة العربية الحلقة السادسة من:-
{{{ من كتاب " البيان والتبيين للجاحظ }}} يختارها لكم، ويعلق عليها/ أحمد عبد الكريم زنبركجي.
قال أبو عثمان رحمه الله : " وأنا أقول: إنه ليس في الأرض كلام هو أَمتعُ ولا آنقُ، ولا ألذُّ في الأسماع، ولا أشد اتصالاً بالعقول السليمة، ولا أفَتقُ للِّسان، ولا أجودُ تقويماً للبيان، مِن طول استماعِ حديثِ الأعراب العقلاء الفصحاء، والعلماءِ البلغاء، وقد أصاب القوم في عامة ما وصفوا"
.................
{{{ يضع الجاحظ هنا يده على مسألة في تَعَلُّم اللغةِ هامّة، وهي أن اللغة تُتَعَلَّمُ بالسماع أساسا. وخير من تسمع وتتعلم منهم الأعراب الفصحاء والعلماء البلغاء}}}
................
ويتابع الجاحظ القول: " إلاّ أَني أزعم أنّ سخيف الألفاظ مُشاكِلٌ لِسخيف المعاني، وقد يُحتاج إلى السخيف في بعض المواضع، و ربما أمتَعَ بأكثَر من إمتاع الجزلِ الفخم من الألفاظ، والشريفِ الكريم من المعاني"
...............
{{{ يرى أن اللغة السوقية غير مرذولة دائما، بل هي جيدة إن استخدمت في مواضعها، في التعبير عن المعاني السخيفة. وإنما مدار الأمر على التَّناسب بين المعنى واللفظ }}}
...............
نتابع.. " كما أنّ النادرةَ الباردة جِداً قد تكون أطيبَ من النادرة الحارة جداً، وإنما الكَرْبُ الذي يَختِم على القلوب، ويأخذ بالأنفاس، النادرُةُ الفاترةُ التي لا هي حارةٌ ولا باردة، وكذلك الشعر الوسط، والغِناء الوسط، وإنما الشأن في الحار جداً والباردِ جداً"
.............
{{{ كثيرا ما تكون النوادر التافهة السخيفة الباردة التي تقال بلغة السوقة والعامّة أجملَ وأوقعَ في النفس من النوادر الراقية المحبوكة الحارّة التي قيلت بلغة فصيحة جزلة. وإنّ ما يثير الغيظ والكرب هو المرويات الوسط، من نوادرَ وشعرٍ وغناء، فلا هي راقية فخمة، ولا هي سخيفة نلْتَذُّ بسخافتها الطريفة ! فالجمال إنما يكمن في الراقي جدا، والسخيف جدا }}} .............
نتابع.. " وكان محمد بن عباد بنِ كاسبٍ يقول: واللَّهِ لَفلانٌ أَثقلُ من مُغَنٍ وسط، وأبغضُ من ظريفٍ وسط، ومتى سمعت - حفِظك اللَّهُ - بنادرةٍ من كلام الأعراب، فإياك أن تحكيها إلا مع إعرابها ومخارِجِ ألفاظها؛ فإنك إنْ غيَّرْتَها بأن تَلْحَنَ في إعرابها وأخرجْتَها مَخارج كلام الموَلَّدين والبلديين، خرجتَ من تلك الحكايةِ وعليك فضلٌ كبير، وكذلك إذا سمِعت بنادرةٍ من نوادر العوام، ومُلْحة من مُلَح الحُشوة والطَّغام، فإياك وأن تستعمِلَ فيها الإعراب، أو تتخيرَ لها لفظاً حسناً، أو تجعل لها مِن فيك مَخرَجاً سَرِِياً؛ فإنّ ذلك يفسد الإمتاع بها، ويخرجها من صورتها، ومِِن الذي أرِيدت له، ويُذهب استطابتَهم إياها واستملاحهم لها"
............
{{{ أي يجب على الراوي أن يلتزم اللغة المناسبة التي جاءت بها الرواية، فلا يجوز أن ينقل نوادر الفصحاء البلغاء بلَحْنٍ أو خطأ لغوي، كما لا ينبغي له أن ينقل نوادر العامّة والسوقة بتحسين لغتها، وتصحيح أسلوبها، لأنها بذلك تفقد جمالها وظرفها.
- اللحن هنا معناه الخطأ في إعراب الكلمة، أي في ضبطها النحوي. - المولَّدون هم أبناء العرب من الأعجميات أو العكس. - المُلحة: الرواية أو النادرة المليحة المستحسنة. - الحُشوة هنا: أراذل الناس. وكذلك ( الطَّغام ).
- من فيك: أي من فمك. - سَرِيّا: شريفا رفيعا}}}
.............. نتابع.. (في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى)
voller-9 المدير العام
عدد المساهمات : 1148 تاريخ التسجيل : 05/08/2015 العمر : 54 الموقع : www.Facebook.com
موضوع: رد: مجلة حروف من الياسمين *** "إضاءات لغوية - معاً لإحياء اللغة العربية " بقلم الشاعر / محي الدين السبت سبتمبر 05, 2015 9:04 am
إضاءات لغوية - معاً لإحياء اللغة العربية الحلقة السابعة من:-
{{{ من كتاب " البيان والتبيين للجاحظ }}} يختارها لكم، ويعلق عليها/ أحمد عبد الكريم زنبركجي.
............................................................... قال أبو عثمان رحمه الله: "وهم يمدحون الحِذق والرفق، والتخلُّص إلى حباتِ القلوب، وإلى إصابة عيون المعاني، ويقولون: أصاب الهَدف، إذا أصاب الحق في الجملة، ويقولون: قَرطَسَ فلانٌ، وأصاب القِرطاسَ، إذا كان أجود إصابةً من الأول، فإن قالوا: رمى فأصاب الغرة، وأصاب عين القرطاس، فهو الذي ليس فوقَه أحد، ومن ذلك قوُلهم: فلان يُفلُّ الحزَّ، ويصيب المَفْصِل، ويضع الهِناء مواضع النُّقَب"
.................. {{{ يروي الجاحظ فيما سبق بعضَ العبارات التي تقال فيمن يجيد الكلام، ويصيب في بيانه. - القرطاس: ورق الكتابة. - الغرة: من معانيها المناسبة هنا: أول الشيء وأكرمُه. - يُفِلُّ الحزّ: يُثَلَِمُ القاسي الغليظ ويكسره. أي يقول كلاما قويا معبرا . - يضع الهِناء مواضع النُّقَب: يضع القَطِران على مواضع الجرَب. أي هو ماهر مصيب في عبارته}}}
................. نتابع قول الجاحظ: "وقال رجلٌ من طيّئ ومدح كلام رجل فقال: هذا كلام يكتفى بأولاه، ويشتفَى بُأخراه"
................. {{{أي إنه كلام بليغ مصيب، يعطي اللبّ في غرّته، فيكشف عن مكنونه، ويشفي الغليل بآخره، فيعطي كل جزء من الأمر حقه من البيان، فلا يدع في صدر السامع حاجة يطلبها من الفهم}}}
مجلة حروف من الياسمين *** "إضاءات لغوية - معاً لإحياء اللغة العربية " بقلم الشاعر / محي الدين