الـقـدسُ فـي الـبـال..
شعر د. محمود حمد سليمان
يـمـرُّ بـعـيـْنـَيْـكَ سِـربُ الـمَـنـونْ
وتـجـتـاحُ ذاكـرةَ الـرشـدِ فـيـكَ
عـقـودُ الـبـنـوكِ .. وهـمُّ الـديـونْ
وأحـزمـة الـفـقـْر والـجـوعِ..
مـنـكَ تـشـدُّ الـبـطـونْ..
وتـرحـلُ فـيـكَ الخـُطـى والـسـنـونْ
فـتـحـفـظُ غـيـبـاً حـضارات كـلِّ الـفـنـونْ
وقـد يـعْـتـلـي الـوهْـنُ مـنـكَ الـجـفـونْ
ويـهْـمـسُ فـي أُذنـَيْـكَ الـسـكـونْ
هـنـا الـقـدسُ تـسـتـوطـنُ الـبـالَ والعُـمْرَ
تـرقـب إعـصـارهـا ثـورةً.. والـجـنـونْ ..
..............................
هـنـا الـقـدسُ ثـكـْلـى.. تـصـلـي بـكـلِّ الخـشـوعْ
وتـذكـر أن "الـبـتـول" هـنـا
مـسـحـتْ دمْـعـها .. والـشـجـونْ
ومـن هـا هـنـا مـرَّ يـومـاً.. "يـسـوعْ"
أضـاء الـدروبَ.. أضـاء الـهُـدى والـشـمـوعْ
أحـاط الـنـفـوس بـكـل الـدروعْ
وكـفْـكَـفَ عـن أعـيـن الـبـؤسـاء الدمـوعْ
وهـا هـو يـصـرخ فـي عـاديـات
الـقـُرى.. والجـمـوعْ
تـعـالـوا..
فـمَـهْـمـا تـطـول الـلـيـالي..
ومَـهْـما يـسـود الـظـلامُ
فـلـلـفـجْـر نـور سـيـسـري
ولـلـشـمـس بـعـدُ طـلـوعْ..
............................
هـنـا الـقـدس ثـكـْلـى..
وقـد يـتـبـاهـى بـسـاحـاتـها الـقـهـرُ والـغـدرُ تـيـهـاً..
وقـد تـزدهـي الـشـُرفـاتُ بـكـُلِّ الـمـغـولْ
هـنـا الـقـدسُ تـسْـتـوطِـنُ الـقـلـبَ والـروحَ..
تـرقـبُ فـيـكَ الـسـيـوفَ..
وتـرقـبُ فـيـكَ صـهـيـلَ الـخـيـولْ
فـمـاذا عـسـاكَ تـقـولْ ؟!
أُحـبُّـكِ مـلءَ وجـودي..
وأعـصـرُ فـيـكِ الـلـيـالـي..
وحـبـي.. وضـوءَ الـعـيـونْ
وأنـحَـرُ فـيـكِ لـغـاتـي..
وكـلَّ الـحـواشـي.. وكـلَّ الـمُـتـونْ
أُريـقُ كـيـانـي فِـدى مُـقـْلـتـَيْـكِ..
ولـكـنـَّنـي بـكِ أنـزحُ حـتـى أكـونْ..
.................................
عـلـى ضـفـَّتـَيْـكِ..ظـمِـئـْتُ..شـربـتُ..فـنِـمْـتْ
وفـي مـعْـصـمَـيْـكِ .. حـلـُمْـتُ .. نـهـضـتُ .. وقـمْـتْ
وجـئـْتُ لأنـثـرَ عـشـقـي عـلـى شـفـتـَيْـكِ..
أُعـلـِّقُ شـوقـي عـلـى وجْـنـَتـَيْـكِ..
وإذ لاح طـيفـكِ يُـومـي بـمِـحْـرابِ حُـزنـي..
يـبـوحُ بـوجـدي ..
أطـلَّ الـبُـراقُ .. فـهـامَ وهـمْـتْ
لـكِ الـكـلـمـاتُ.. لـكِ الـهَـمَـسـاتُ
لـكِ الـقـلـبُ يـنـسـابُ فـيـكِ بـصـمْـتْ ..
وفـوق الأثـيـر وفـي الـفـلـواتِ
سـمِعْـتُ حَـفـيـفَ حـنـيـنٍ يـنـادي:
كـثـيـرون فـي الـقـدس.. لـكـنـَّهـا
كـدمـاء الـشـرايـيـنِ مـوجـودةٌ فـيـكَ.. أنـْتْ
د. محمود حمد سليمان
عكار العتيقة . لبنان