مجلة حروف من الياسمين **** " واحب ان الفت الى ان الشعر الجميل " بقلم / حاج سليم عيسى
كاتب الموضوع
رسالة
voller-9 المدير العام
عدد المساهمات : 1148 تاريخ التسجيل : 05/08/2015 العمر : 54 الموقع : www.Facebook.com
موضوع: مجلة حروف من الياسمين **** " واحب ان الفت الى ان الشعر الجميل " بقلم / حاج سليم عيسى الخميس نوفمبر 05, 2015 7:41 pm
واحب ان الفت الى ان الشعر الجميل ما هو الا تعبير عن كينونة الانسان ... والشعر الحديث شئنا ام ابينا هو شعر له مريدينه...وهو لا يلتزم بقافية ثابتة او روي...ولكنه ساحر كما سحر العروض والقافية...
مثلا نحن نحب شعر محمد علي شمس الدين... وشعر بدر شاكر السياب ونازك الملائكة
ونزار كتب بالقلمين..وهل هناك اروع من قصيدة بلقيس... والاخوين رحباني كتبا العامية وزنا ونثرا فجاءت الكلمات كأنها السماء الصافية ...كما حلفا الغصن بالعصفور..
فرفقا بنا فالكلمات الجميلة التى تعبر ..هي بحد ذاتها شعرا ..فكما نقف عند كلمة اه وكأنها رباعية كاملة...ننشده لبيت من قصيدة وكأنها كل القصيدة... دعونا نحترم بعضنا وليعبر كل شاعر كما يريد لأننا نحب كل الكتابات لأنها كلها معبرة ....
وشكرا
voller-9 المدير العام
عدد المساهمات : 1148 تاريخ التسجيل : 05/08/2015 العمر : 54 الموقع : www.Facebook.com
موضوع: رد: مجلة حروف من الياسمين **** " واحب ان الفت الى ان الشعر الجميل " بقلم / حاج سليم عيسى الخميس نوفمبر 05, 2015 8:19 pm
عزيزي المهندس Hajj Salim Issa اسعد الله اوقاتك قيل في قوة تأثير الشعر في القلوب والمشاعر أن قتيلة بنت النظر بن الحارث لما قتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أباها يوم بدر قالت أبياتاً منها:
يا راكبًا إنَّ الأثيلَ مظنةٌ في صبح خامسةٍ وأنت موفقُ
أبلغ بها مَيْتًا بأنَّ تحيةً ما إن تزال بها النجائبُ تخفقُ
مني إليك وعبرة مسفوحةٌ جادت بواكفها وأخرى تخنقُ
هل يسمعنّي "النضرُ" إن ناديتُهُ أم كيف يسمع ميتٌ لا ينطقُ
أ"محمد" يا خيرَ ضنء كريمةٍ في قومها والفحلُ فحلٌ معرِقُ
ما كان ضرَّكَ لو مننت وربما نّ الفتى وهو المغيظ المْحنَق
أو كنت قابل فدية فلينفقن بأعـزّ ما يغـلو به مـا ينــفـقُ
فلمَّا بلغت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكى حتى اخضلت لحيتُه وقال " لو بلغني شعرُها قبل أن أقتله ما قتلته. والأمثلة على منزلة وأهمية الشعرعند العرب في عصر ما قبل الإسلام وبعده كثيرة لا تحصى .
من كتاب " موسوعة فرسان الشعر العربي " اهــــــــــــــــداء خاص :-
اسمع مما بحثت..................
بعنوان " أولية الشعر ومكانة الشاعر لدى العرب " بقلم / عبد الصمد ماجوقي
1- مفهوم الشعر :-
قد يعتقد معتقد أن التعريف و الإحاطة بماهية الشعر أمرا سهلا نظرا لكثرة تداول هذه الكلمة، إلا أن الدارس الجاد المتعمق في البحث عن هذه الكلمة، يجد نفسه أمام تعريفات متعددة ومختلفة، يدعي أصحاب هذه التعاريف السبق إلى أشياء، ويتهمون من سبقهم بنقصان و قصور تعريفا تهم.
وإذا تجاوزنا البدايات غير المنهجية التي سبقت أفلاطون الذي كان وراء تثبيت النظرية الشعرية في دوائر الإلهام بعيدا عن الاستقصاءات العلمية،- فالشعر وفق هذه النظرية محاكاة للعالم المحس الذي هو بدوره محاكاة لعالم المثل -.نجد أن أر سطو لم يقر أستاذة في تحديده لطبيعة الشعر، حيث وإن وافقه على أن الشعر ضرب من ضروب (المحاكاة)،’’ إلا أنه خالفه في طبيعة هذه المحاكاة فهي، ليست تقليدا عرفيا للطبيعة ولكنها إعادة خلق لها، وإعادة خلق الطبيعة تحتم رؤيتها من الداخل" .
هذه محاولة إغريقية/يونانية لتحديد طبيعة الشعر تبين بجلاء اختلاف اثنان من اشهر فلاسفتها،أما عن المحاولات العربية "فإننا نجد أثارات من فكر أفلاطون وأر سطو قد شاعت في بعض جوانب هذه المحاولات العربية . إلا أن أشهر تعريف مبكر قد أورده قدامة بن جعفر في كتابه نقد الشعر حيث يقول: "قول، موزون، مقفى، يدل على معنى" ثم يستطرد شارحا كل كلمة من التعريف بقوله: "فقولنا: قول، دال على أصل الكلام الذي هو بمنزلة الجنس للشعر، وقولنا: موزون، يفصله مما ليس بموزون، إذا كان من القول موزون، وقولنا مقفى، فصل بين ماله من الكلام الموزون قواف وبين ما لا قواف له ولا مقاطع، وقولنا يدل على معنى، يفصل ما جرى على ذلك من غير دلالة على معنى". إذن فقدامة بن جعفر يجعل عناصر الشعر و مقوماته الضرورية أربعة وهي اللفظ والوزن والقافية والمعنى، وسنطرق بإيجاز إلى معنى هذه الكلمات:
1)القول:" هو كل لفظ نطق به الإنسان، سواء أكان لفظا مفردا، أم مركبا، وسواء أكان تركيبه مفيدا أم غير مفيد" .
2)الوزن: ويسمى كذلك البحر، وعدد بحور الشعر ستة عشر بحرا وهي: الطويل، المديد، البسيط، الوافر، الكامل، الهزج، الرجز، الرمل، السريع، المنسرح، الحفيف المضارع، المقتضب، المجتث، المتقارب، والمتدارك، وكلها تنسب إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري ، عدا الأخير فهو الذي تدارك به الأخفش عمل الخليل .
3)القافية: هو علم يتناول نهايات البحور الشعرية أو المقاطع الصوتية الأخيرة في البيت... أما تحديدها بشكل أدق فقد خضع إلى آراء و مذاهب متعددة منها :-
أ-مذهب الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي يرى أن القافية، هي من آخر حرف في البيت إلى أول متحرك قبل ساكنين.
ب-مذهب الأخفش أن القافية هي آخر كلمة في البيت. ج-ومذهب أبي موسى الحامض من علماء الكوفة، أن القافية ما لزم الشاعر تكراره في آخر كل بيت، وهو قول يحتمل ما ذهب إليه الخليل وغيره لا كما نص ابن رشيق في العمدة. د-ومذهب كل من الفراء، يحيى بن معاذ، وأكثر الكوفيين مثل أحمد بن كيسان وغيره، والإمام ثعلب، وابن عبد ربه في العقد الفريد يذهبون جميعا إلى أن القافية، هي حرف الروي الذي تبنى عليه القصيدة . وبالإضافة إلى هاته التحديدات،أورد أحمد محمد الشيخ في كتابه "دراسات في علم العروض والقافية" مذاهب و أراء أخرى.
4)المعنى: وهو أن يكون القول مفيدا أو ذا دلالة معينة. وبعد أن تطرقنا إلى مفهوم الشعر لدى قدامة بن جعفر، وحتى نحيط أكثر بالموضوع، نرى أن نتطرق إلى مفهوم الشعر عند بعض معاصريه كذلك عند بعض المتأخرين شيئا ما عنه،والبداية ستكون من اللغوي المشهور صاحب"الصاحبي في فقه اللغة" الذي يعرف الشعر بقول :"الشعر كلام موزون مقفى، دال على معنى، ويكون أكثر من بيت:"إنما قلنا هذا لأنه جائز اتفاق سطر واحد بوزن يشبه وزن الشعر غير قصد" . ونجد أن هذا التعريف لا يختلف عن سابقة، سوى في اشتراط النية والقصد في كتابه الشعر وكدلالة على ذلك يجب أن يتجاوز البيت الواحد حتى يتيقن أن الناظم قصد كتابة الشعر.
ومن هذين التعريفين نجد أن أصحابها يركزان على جانبي اللغة والعروض، مهملين طبيعية المبدع وأحاسيسه، كأن الشعر مسألة آلية رياضية متناسين "أن الشعر حياة وطبع وعواطف ومعاناة" وقولنا هذا لا ينقص من أهمية تعريف قدامة، فهذا الأستاذ عبد العزيز حمودة يقول:" إنه لا يمكن أن نعتبر تعريف قدامة هذا جامعا مانعا، وأيضا لا يمكن أن نقلل من هذا التعريف باعتباره من ناحية، محاولة مبكرة لتأسيس علم"لتمييز جيد الشعر من رديئة، ثم باعتباره دليلا مبكرا على بداية واضحة لنظرية عربية للأدب من ناحية، أخرى ، أما د.جابر عصفور فقد اعتبر هذا التعريف" أول خطوة لتمييز بين جيد الشعر من رديئة" ،إذا فجابر عصفور يعترف بعلمية تعريف قدامة، دون أن يتجاهل أوجه القصور في ذلك التعريف المبكر ويقول في هذا الصدد "هذا التعريف جامع مانع للمادة فحسب، بمعنى لا ينطوي على أي تحديد للقيمة، ولا يميز ما يمكن أن نسميه الشعر الحق" مما ليس كذلك أو بعبارة أخرى- لا يميز الشعر عن مجرد النظم الوزني .
وحتى لا نسهب كثيرا سنتطرق بإيجاز إلى بعض التعاريف قبل الانتقال إلى مفهوم الشعر عند ابن خلدون، والبداية ستكون من فيلسوف الشعراء أو شاعر الفلاسفة أبي العلاء المعري الذي أجاب عن السؤال ما الأشعار؟ بقوله "الأشعار جمع شعر، والشعر كلام موزون تقبله العزيزة على شرائط إن زادا أو نقص أبانه الحس، وكان أهل العاجلة يتقربون به إلى الملوك والسادات" .
و هذا التعريف يتجاوز التعاريف الجافة المركزة على اللغة والعروض، إذ يركز على فطرة الشاعر وذوق المتلقي، كما أنه يشير إلى قضية مهمة هي التكسب بالشعر واتخاذه مطية للوصول إلى بلاط السلاطين والأمراء والسادات. و كل التعاريف السابقة تجمع على أن الشعر كلام موزون مقفى ، غير أن ابن خلدون كان له رأي آخر إذ يعتبر النظرة العروضية إلى تعريف عملا قاصرا ،
حيث يرى أن "الشعر هو الكلام البليغ المبني على الاستعارة و الأوصاف ،المفصل بأجزاء متفقة في الوزن و الروي مستقل جزء منها عن غرضه ومقصده إما قبله و بعده ،الجاري على أساليب العرب المخصوصة به، فقولنا الكلام البليغ جنس ،و قولنا المبني على الاستعارة و الأوصاف فصل عما يخلو من هذه ،فانه في الغالب ليس بشعر ،وقولنا المفصل بأجزاء متفقة الوزن و الروي ،فصل عن الكلام المنثور الذي ليس بشعر
عند الكل ، و قولنا مستقل كل جزء منها في غرضه و مقصده عما قبله و بعده هو بيان للحقيقة الجاري على أساليب العرب المخصوصة به ، فقولنا الكلام البليغ جنس ، وقولنا المبني على الاستعارة و الأوصاف فصل عما يخلو من هذه ، فانه في الغالب ليس بشعر ، و قولنا المفصل بأجزاء متفقة الوزن و الروي ، فصل عن الكلام المنثور الذي ليس بشعر عند الكل ، وقولنا مستقل كل جزء منها في غرضه و مقصده عما قبله
و بعده هو بيان للحقيقة ، لأن الشعر لا تكون أبياته إلا كذلك ،و لم يفصل به شيء، و قولنا الجاري على الأساليب المخصوصة به فصل عما لم يجري منه على أساليب العرب المعروفة ، فانه حينئذ لا يكون شعرا إنما كلام منظوم ، لان الشعر له أساليب تخصه لا تكون للمنثور ، وكذا أساليب المنثور لا تكون للشعر ، فما كان من الكلام منظوما وليس على تلك الأساليب فلا يكون شعرا." إذا فالشعر عند ابن خلدون هو نشاط إنساني ، و فن قولي يجعل الكلام هو مادته.
2 -أولية الشعر العربي و بداياته. :-
لا يمكن الحديث عن الشعر العربي القديم دون الحديث عن الرجال الذين حملوا همه وتكبدوا مشاقه في سبيل تفسيرا أشكل منه، وشرح ما استغلق معناه، فحققوا ووثقوا وصححوا وفسروا... وأغلب هؤلاء طبعا عاشوا في القرنين الأول والثاني الهجريين وحتى القرن الثالث، وقبل هذا التاريخ لم يصح وجود كتاب واحد نرجع إليه فيما يعترضنا من صعوبات – وهي كثيرة – أثناء دراسة الشعر
وهذا ما يجعلنا نرجع أن جل ما توصل إليه هؤلاء العلماء ومؤرخو الأدب محض اجتهادات، حاولوا خلالها اتباع نفس الممارسات المنهجية التي اتبعها العلماء المسلمون في مجال علوم الحديث، وتأثروا أيما تأثر بعلماء الحديث ورواته، حتى أن الكثير من هؤلاء العلماء والرواة كانوا يجمعون بين رواية الحديث والشعر، كما أن المشتغلين بأمور الأدب وما يتعلق به من علوم ومناهج وضعوا نصب أعينهم القرآن الكريم وجعلوه الموجه الأول لأعمالهم.
إذا فالبحث في بدايات الشعر العربي وأوليته لا يخلص إلى نتائج يقينية قاطعة، بل إلى نتائج ترجيحية، وهذا ما يفسر كثرة الاختلافات التي تصادفنا ونحن نسائل المراجع العربية سواء القديمة منها أو المتأخرة.وإذا كان العلماء المسلمون قد استبعدوا الكثير من الأحاديث النبوية، ارتابوا في صحتها ونسبتها إلى الرسول ص، فما نقول في الشعر؟ ويؤكد ما ذهبنا إليه عميد الأدب العربي حين أقرأن" تاريخ الأدب ليس علما كله ولا فنا كله"، وبذلك فهو ليس خاضعا لمعايير دقيقة، وبالتالي لا يتوصل إلى نتائج يقينية.
ليس الغرض من هذا التقديم التشكيك في صحة كل الشعر العربي القديم، أو الادعاء أن كل هذا الشعر منخول أو موضوع كما يذهب إلى ذلك جل المستشرقين ومن تتلمذ على يدهم من المتأخرين أو تأثروا بأفكارهم و مذاهبهم؛ بل كل ما نسعى إليه هو اتخاذ الحيطة والحذر في التعامل معه. والتأكيد على أن البحث في تاريخ الآداب ليس يسيرا وهينا كما قد يعتقد البعض، بل إن الباحث الجاد لا بد وأن يضع في اعتباره الصعوبات و المعيقات التي قد تعترضه أثناء عملية البحث، خصوصا إذا تعلق الأمر بالبدايات الأولى للشعر العربي القديم،وأولى هذه الصعوبات "أن أخبار الجاهلين وأشعارهم لم تصل إلينا من طريق تاريخية صحيحة، وإنما وصلت إلينا من الطريق التي تصل منها القصص والأساطير طريق الرواية والأحاديث طريق الفكاهة واللعب، طريق التكليف والنحل" .
وإذا أمعنا النظر في هذا النص نجد أن عميد الأدب العربي يؤكد ما ذهبنا إليه، وما أشرنا إليه من صعوبات تعترض الباحث الجاد الذي يحاول التجرد ما أمكن من الذاتية والتوصل إلى نتائج كما هي لا كما ترضيه أو ترضي غيره.
ولعل من أصعب المعيقات التي قد تصادف الدارس والباحث الأدبي هو عدم تعرف عرب الجاهلية الكتابة ، أو بالأحرى عدم الاشتغال بها، رغم أن الدكتور ناصر الدين الأسد أثبت في مؤلفه القيم الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية أثبت قدم الكتابة في بلاد العرب حيث يقول: "أن عرب الجاهلية قد عرفوا الكتابة بالحروف العربية منذ مطلع القرن الرابع الميلادي، وكتبوا بهذا الخط العربي ثلاثة قرون قبل الإسلام على أقل تقدي" فحتى - إن صح ما ذهب إليه الدكتور ناصر الدين الأسد وهو في الأغلب صحيح- حيث اكتشفت نقوش حجرية ثبتت ذلك فإن العرب لم يكونوا يتعاملون مع الكتابة ولم يكونوا يدونون الأشعار على اعتبار أن الشعر يحافظ عليه الرواة في الصدور، ونفس التعامل تعاملوا به مع القرآن إلى أن اهتدوا إلى تدوينه رغم أنهم كانوا في صدر الإسلام يتقنون الكتابة وهذا مما لا يرقى إليه الشك، وحتى علماء القرنين الأول والثاني الهجريين حينما هبوا لجمع الشعر وتدوينه لم يطمئنوا إلى الشعر المدون بالصحف ولم يأخذوا به.
ومما سبق نستخلص أن البحث في أولية الشعر وبداياته يبقى محض اجتهاد يثمر نتائج ترجيحية.+ يقول الدكتور طه حسين "ظهر الشعر العربي حين عرفه التاريخ في نجد، لا يكاد يتجاوزه إلى الحجاز أو إلى العراق إلى قليلا" و الشعر الذي ظهر في نجد هو الشعر الجاهلي الذي يدرس اليوم للناشئة والمعروف عند الجميع، أي الشعر في صيغته النهائية الكاملة، وهذا ما يشير إليه الدكتور طه حسين بقوله عرفه التاريخ،
أما طفولته وقبل هذا الوقت فكل عن الشعر محض افتراض،حيث " كان شعر العرب فنا مستوفيا لأسباب النضج و الكمال منذ ظهر العرب على صفحة التاريخ، ولا تستطيع رواية مأثورة أن تقدم لنا خبرا صحيحا عن أولية الشعر" لأن البحث في طفولة هذا الشعر و أصله لم يأخذا من الأهمية ما هما آهلان له، و رغم هذا نجد بعض المتأخر ين جهود محمودة في سبيل إنارة بعض الجوانب المظلمة في تاريخ الأدب العربي ، " أما القدماء فإن عنايتهم بطفولة الشعر ونشأته وأصله لم تنل خطها المرجو منهم بل كل الذي ذكروه لا يتعدى أحكاما سريعة، قد لا يؤيدها العلم".
إذن فالشعر ظهر بنجد إلا أن طفولته وجذره ربما قد تكون في بلاد أخرى غير نجد، وحتى الوظيفة التي كان يؤديها، قد لا تكون الوظيفة نفسها التي أداها الشعر الجاهلي، حيث أن بدايات الشعر وطفولته كانت عبارة عن ترانيم وابتهالات وشعر ترقيص وغناء حيث " أن الأسرى العرب كانوا يقضون وقتهم في الغناء (أليلي LILI’A) والموسيقى(ننجوتي Nunguti) وهم يشتغلون لساداتهم الآشوريين، مما أطرب الآشوريين لدرجة جعلتهم يسألون المزيد" . وقد افترض الدكتور الفريجان أن يكون هذا الغناء شعرا أو كلاما موقعا يشبه الشعر،
منطلقا من العلاقة الوثيقة التي جمعت وتجمع الغناء بالشعر، و أن يكون هذا وقد حدث هذا في القرن 7 ق.م ومنه استخلص أن "بذور الشعر العربي ربما تكون قد وجدت قبل الميلاد بقرون" . وهذا الرأي نفسه يعبر عنه كذلك مجموعة من الدارسين، فهذا الدكتور عادل الجبوري يؤكد أن "أولية الشعر تستند على النغم والعمل، وتقول بأن التنغيم أو الترديد المرافق لطبيعة نوع من العمل هو الدافع لظهور الشعر" وأضاف بأن أغاني العمل هذه يمكن أن ترد إلى التأثير السحري للشعر في نفوس العاملين".
وهذا النص يورد معطى جديد هو علاقة الشاعر/ الشعر بالسحر وهي علاقة متينة وهذا موضوع آخر لن نورده هنا لكن لا بأس من الإشارة إلى الاعتقاد الذي كان سائدا لدى العرب، بكون كل شاعر له قرين من الجن وفي هذا يقول الشاعر العجلي:-
إني وكل شاعر من البشر شيطانه أنثى وشيطاني ذكر
كما أن الشيخ الشنقيطى قد أورد في مؤلفه "شرح المعلقات العشر و أخبار شعرائها"حوارات لشعراء مع قرنائهم الذين سماهم بأسمائهم.
هذه بعض الملامح عن علاقة الشعر بالغناء وإشارات عن تطوير الشعر العربي، ولنعد الآن إلى ما قلناه من كون نشأة الشعر كانت عبارة عن ابتهالات وصلوات وأدعية أي متأثر بأصول أسطورية دينية، ويقول في هذا الصدد أحد رواد البحث في الأدب والتاريخ العربيين ألا وهو نجيب محمد البهبيتي" إن بذور الشعر الجديد الأولى لا بد أن تكون قد برزت في الأدعية والصلوات الدينية التي أنشأها الجد المستعرب الأول (إسماعيل).
ولعل قولي هذا نبوءة بغيب لا دليل عليها مباشرا، لكننا إذا ذكرنا أن إبراهيم من العراق في ذلك العهد القديم، وأن معابد العراق كان يتعبد فيها بالأناشيد الباقية بعض نماذجها، ومن بينها أجزاء من جلجامش، وكلها أشعار منظومة وأن تجديد العقيدة لم يعزل، في التاريخ كله، الجديد عن القديم، عزلا مطلقا، وذكرنا أن إسماعيل كان يتابع أوضاعا وطقوسا دينية منها أبوه على ضوء تجاربه الدينية في بيته الأولى، وكان ينقلها إلى لغته الجديدة، أدركنا أنه كان محتوما أن ينظم فيها الصلوات في الأشكال التي منها أبوه، أي أن ينظمها شعرا".
ويتفق هذا على الأقل من حيث المبدأ إلى ما ذهب إليه الباحث فؤاد سنكريس الذي لا ينكر تأثير الشعر البابلي المتأخر في الشعر العربي. ولعل ما دفع هذين الباحثين إلى هذا الاعتقاد هو التفاعل الحضاري الذي كان منذ الأزمنة القديمة بين الحجاز والعراق، وكلنا يعلم ما كانت تشهده المنطقة العربية من هجرات بشرية.
ولعل جل البحوث تجمع على أن البحث في أولية الشعر ونشأته وجذره الأول هو بحث في أصول غيبية يمتزج فيها الأسطوري بالديني " يوم كانت الصلة بين الشعر وبين التنبؤ بالغيب قائمة، حيث كانت مهمة الشعر كهنوتية ولغته غامضة مبهمة كطلاسم وأحجية السحرة ورقاهم وتعويذاتهم"
إذا فمهمة الشعر كانت كهنوتية، و لغته غامضة مبهمة كجل أدعية و تعويذات الكهان، ولعلها لم تكن هذه اللغة عربية فصيحة، بل يمكن الافتراض أنها لغة غير العربية المتعارف عليها أو بالأحرى لهجة عربية مغايرة للهجة التي كتب بها الشعر الجاهلي فهي "إما لهجة صوفي نسبة إلى جبل الصفاة ببادية الشام في شرقي حوران" وقد امتدت إلى الأردن وأعالي الحجاز إما سيكون الشعر بلهجة ثمودية..وإما بلهجة لحيانية (نسبة إلى بني لحيان)
وبعد هذه الإشارات الموجزة إلى أولية الشعر والتي استقيناها من بحوث ودراسات الأساتذة أجلاء، يشهد لهم العدو وقبل الصديق بعلو كعبهم في ميدان الأدب عموما والدراسات الأدبية خصوصا،وخير ما نختم به هذه اللمحة الموجزة التي تناولنا فيها أولية الشعر العربي و طفولته كلمة للشاعر (صلاح عبد الصبور) يقول فيها: "فالشعر الجاهلي الذي ندرسه والذي استنبط منه الخليل عروضه إذا شعر قديم التجربة، أوليته في لغة غير لغته، كما نجد أوليات الشعر الإيطالي في اللاتينية، وهو ليس صنيع قوم بداة جفاه، بل هو ثمرة حضارة الأمم السامية القديمة، ولعلنا بهذا وحدة نستطيع أن نعلل الغنى العروضي والموسيقى له" .
3-مكانة الشاعر لدى العرب. :-
كان للشعر العربي المنزلة الكبرى والدرجة العالية في حياة الإنسان العربي، فهو خزان لغتهم، وناقل أخبارهم وممجد أيامهم، والحافظ الأمين لتاريخهم كله. وبالطبع فالشاعر هو الذي يطاوع الكلمة ويضعها في قوالب تجعل الأسياد قبل الرعاع يخشون غضبه. فكم من امرئ رفعه بيت من الشعر وبوأه المنزلة العليا وآخر نزل به بيت إلى الحضيض ولعل خير من نستشهد به في موضعنا هذا هو حكاية لبيد مع الربيع بن زياد الذي كان ينادم النعمان بن المنذر،و كان هذا الأخير يقدمه على من سواه إلى أن هجاه لبيد هجاء مقذعا ، لم بعده
النعمان إليه بل أمره بالانصراف إلى أهله ، و بعث إليه بضعف ما كان يحبوه ؛ إلا أنه رفض الانصراف إلى أهله و كتب إلى النعمان يؤكد أنه ليس كما قال لبيد ، فأرسل إليه النعمان : انك لست صانعا باتقائك مما قال لبيد شيئا، قادرا على زلت به الألسن فالحق بأهلك.* و من هذه القصة نستخلص مدى تأثير الشعر على النفوس ، و نفاذ كلمة الشاعر حتى و إن كانت كذبا فلا سبيل لردها ، وهذا ما عبر عنه النعمان في جوابه للربيع: قد قيل ما قيل إن صدقا و إن كذبا فما اعتذارك من قول إذا قيل.*
و بالتالي فالشعر قد اضطلع بدور خطير في حياة الإنسان العرب، فهو الذي كان يمجد أيامهم وفرسانهم، ويحمس المحاربين في المعركة، ويخلد ذكراهم وهو بعد هذا علم العرب الذي لم يكن لهم علم أصح من، وهذا ما يستشفه من قول الزبير بن بكارة سمعت العمري يقول: رووا أولادكم الشعر، فانه يحل عقدة اللسان، ويشجع قلب الجبان، ويطلق يد البخيل و يحض على الخلق الجميل ولعلنا لن نجد أبلغ من هذا النص على تأثير الشعر في حياة العربي فهو يحوله إلى النقيض، من متلعثم إلى فصيح و من جبان إلى شجاع . فالشعر إذا يغير حتى الطباع والشاعر العربي القديم، كان واعيا بدوره, وبالسلاح الذي يحمله، وبالتالي فهو يقدر مكانته في المجتمع، فهذا أعرابي يقول لعلي بن أبي طالب وكان قد كساه حلته:-
كسوتني حلة تبلى محاسنــها فسوف أكسوك من حسن الثنا حللا إن الثناء لا يحيي ذكر صاحبه كالغيث يحيي نداه السهل والجبلا
إذا فالإنسان العربي على مر العصور كان مدركا أن ما صنعه الإنسان من بناء وتشييد مصيره الفناء والدمار، لذلك فطن إلى ما للكلمة من مناعة ضد نوائب الدهر، لأنها تصمد عبر رجال يحملون همها في صدورهم قبل تدوينها ليوصلها إلينا، وقد كانوا محقين في ذلك. وفي هذا الصدد يقول الجاحظ:" كل أمة تعتمد في استبقاء مآثرها، وتحصين مناقبها على ضرب من الضروب و بشكل من الأشكال، وكانت العرب تحتال في تخليدها بأن تعتمد في ذلك على الشعر الموزون والكلام المقفى، وكان ذلك هو ديوانها" .
والشعر قبل هذا وذاك ترجمان النفس، يعبر عن مكنونات نفس الشاعر ويفرج عنه كربه، كما أن الشاعر اضطلع بمهمة الدفاع عن القبيلة، فكان يهجو أعداءهم ويحبط معنوياتهم، في المقابل يقوم بحث فرسان قبيلته على الاستماتة في الدفاع عن قبيلتهم في وجه الأعداء عبر امتداحهم والافتخار ببطولاتهم وتمجيد أبطالهم.
إذا فالشاعر هو الناطق باسم قبيلته. ومما يدل على قيمة الشاعر ومكانته عند العرب قول ابن رشيق " كانت القبيلة من العرب إذا نبع فيها شاعر أتت القبائل فهنأتها بذلك، وصنعت الأطعمة واجتمعت النساء يلعبن بالمزاهر، كما يصنعن في الأعراس وتباشر الرجال والولدان، لأنه حماية لأعراضهم، وذب عن أحسابهم، وتخليد لمآثر، وإشادة بذكرهم، وكانوا لا يهنؤون إلا بغلام يولد، أو فرس تنتج، أو شاعر ينبغ فيهم" .
وهذا النص لابن رشيق أبلغ من أعلق عليه، لأنه يبرز بوضوح مكانة الشاعر لدى العرب كما يقوم بتعداد أدوار الشاعر العربي، هذا الشعر الذي أكسب الشاعر مكانة عالية وحظوة لدى الجميع وحتى الملوك منهم ف"من فضل الشعر أن الشاعر يخاطب الملك بالكاف كما يخاطب أقل السوقة، ويدو باسمه، وينسبه إلى أمه فلا ينكر ذلك عليه..."
ويجد بنا الإشارة إلى أن الشعر الذي ندرسه اليوم، ليس إلا غيض من فيض، فقد ضاع الكثير مما قالته العرب في الجاهلية، لأنه من الطبيعي ومادام للشعر هذه المنزلة المتميزة عند العرب قد تعاطاه بشكل مكثف وهذا ما لا يعبر عنه حجم الدواوين الموجودة بين أيدينا اليوم ويؤيد ما ذهبنا إليه أحد العلماء الأوائل الذين حملوا هم جمع وتمحيص وتوثيق الشعر العربي،ألا وهو أبو عمرو بن العلاء إذ يقول "ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا اقله، ولو جاءكم وافرا لما جاءكم علم و شعر كثير"
ولعلي لن أجانب الصواب إذا قلت أن المقصود بقوله "مما قالت العرب" يشمل النثر والشعر لأن القول كلام , والكلام نوعان منثور ومنظوم, والمنثور أسبق من المنظوم ويقول ابن رشيق في هذا الصدد:"وكان الكلام كله منثور، فاحتاجت العرب إلى الغناء بمكارم أخلاقها، وطيب أعراقها، وذكر أيامها /الصالحة، وأوطانها النازحة، وفرسانها الأنجاد، وسمائحها الأجواد، لتهزأ نفسها إلى الكرم، وتدل أبناءها على حسنة الشيم، فتوسموا الأعاريض، جعلوها موازين، الكلام، فلما تم لهم وزنه، سموه شعرا" يجمل هذا النص على وجازته رحلة الشعر التي سبق أن أشرنا إليها، وكذا الظروف التي حتمت ظهوره ، كما بين المهام التي أناطتها العرب بالشاعر.
هوامش:
- كان أفلاطون يرمي إلى تحقير العمل الشعري في مواجهة العمل العلمي.
-أنظر: د. محمد أحمد العزت/ طبيعة الشعر وتخطيط النظرية في الشعر العربي منشورات "لأوراق" ص: 9. [1] - نفسه. [1] - نفسه. § § -قدامة بن جعفر هو الكاتب البغدادي الموطأ سنة 265هـ، رومي الأصل، عمل بديوان الخراج وتولى رئاسة. وتوفي سنة 33§ - كان أفلاطون يرمي إلى تحقير العمل الشعري في مواجهة العمل العلمي. [1] -أنظر: د. محمد أحمد العزت/ طبيعة الشعر وتخطيط النظرية في الشعر العربي منشورات "لأوراق" ص: 9. [1] - نفسه. [1] - نفسه. § § -قدامة بن جعفر هو الكاتب البغدادي الموطأ سنة 265هـ، رومي الأصل، عمل بديوان الخراج وتولى رئاسة. وتوفي سنة 7هـ.
[1] - النحو الوافي، حسن عباس، الجزء 1. § - § §-
[1] - [1] -د. محمد أحمد العرب طبيعي العر ص 11 نقلا عن كتاب ابن فارس" فقه اللغة". [1] بن جعفر وآثره في النقد"، محمد العلمي حمدان، مجلة الطبيعية الأدبية ع 9 السنة الرابعة، ايلول 1978. [1] - ع العزيز حمودة. المرايا المقعرة، عالم المعرفة ع 272، الكويت أغسطس 2002، ص 326. [1] - فاطمة العيساوي مفهوم الشعر بين ابن رشد وابن خلدون بحث لنيل الإجازة للموسم الدراسي 2002-2003. [1] - جابر عصفور، مفهوم الشعر : دراسة في التراث النقدي، الطبعة 5 القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1995 ص 93. ، ال- قدامة معري رسالة الغفران، تحقيق ع د الرحم ان، دار عب[1] - أبو العلاء المعرف الطبعة 6، ص 250-251. [1] - طه حسين، في الأدب الجاهلي، الطبعة العاشرة ص: 175. [1] - مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية ص: 108. [1] - " طه حسين" حافظ وشوقي" ص: 166 منشورات الخاتمي وحمدان. [1] - دراسات في الشعر الجاهلي. [1] - د. عادل الفريجان، الشعراء الجاهليون الأوائل ص: 20، نقلا عن ج. فارس ه.ج: تاريخ الموسيقى العربية ص: 3. [1] - نفس المرجع ص: 21. [1] - د. عادل البياتي، دراسات في الشعر الجاهلي ص: 39. [1] - نجيب محمد البهيتي: المدخل إلى دراسة التاريخ والأدب العربيين ص: 670. [1] - دراسات في الشعر الجاهلي، عادل جاسم البياتي ص: 29. [1] - د. عادل جاسم البياتي، دراسات في الشعر الجاهلي ص: 31.
[1] - د. عادل الفريجات، الشعراء الجاهليون الأوائل نقلا عن مقال عبد الصبور رأي في بدايات الشعر – مجلة الشعر ع 16ص:76-79. . [1] - العمدة. [1] - الحيوان 1. ص 36-37. [1] - العمدة. ص 153. [1] - طبقات فحول الشعراء ص 1/25. [1] - العمدة في محاسن الشعر وآدابه و نقده نقلا عن محاضرات
مجلة حروف من الياسمين **** " واحب ان الفت الى ان الشعر الجميل " بقلم / حاج سليم عيسى