مجلة حروف من الياسمبن *** " هالة القمر.!! " بقلم / ‏ هشام صالح ~~~~ مخيم أمسا/ تطوان 4/8/2015

خاطرة ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~هالة القمر.!!

هالة النور تحيط بها جيوش العتمة. بتوجس لا تجرؤ على الاقتراب منها !العتمة تخشى النور كما تخشى العقارب الماء ! هالة القمر تمسح جسد التاريخ المسجى فوق بساط اللانهاية بخرقة حقيقة ، تحكي..و تراقب ذلك السجال الأبدي بين تناقضات الكون والحياة والموت ! تسرد لنا عبر مختلف الأزمنة و الأمكنة والعصور هذه الجدلية اللامتناهية ! لكن هل تتوخى هالة القمر الموضوعية في ما تسرده ؟! أم أنها أيضا أصابها فيروس التزوير ، وتحولت الى عاشقة للتاريخ النظيف ،تلهث مع اللاهثين وراء ( تاريخ /مهزلة )

آه عفوا (مزبلة / زلة لسان ) ! تحكي لنا حكاية ليست كالحكايات ،حكاية عصب الحياة وديدن الوجود : حكاية الصراع بين النور والظلام ! بين الخير والشر ! بين الامس واليوم ! بين الحب والكراهية !بين التعاسة والشقاء ! بين وبين ! بين وبين !
تخبو وتومض هالة القمر : احمرت وتوردت وجنتاه ، خجلت هالته من الحديث عن التاريخ العربي : كله نظيف ، لا عيب فيه ، من جرائم (تأبط شرا ) وقتله المائة شخص إلى جرائم القادة العرب في ساحات الاعتصامات وقتلهم الآلاف ، في كل العواصم العربية التي اجتاحتها رياح ربيع الغضب ‏‎frown‎‏ رمز تعبيري الغضب الساطع آت...آت..آت ..فيروز )

لكن هذه سحابة صيف عابرة لا يمكن أن تؤثر على نظافة تاريخنا العربي ،والذي يجرؤ على تدنيسه باسم الموضوعية تتلمس قفاه سيوف الفاتحين ومقصلات العصور الوسطى ، وعهر الضمير البشري !
هالة القمر تتجاوز تاريخنا ، نتنفس الصعداء ، نشرب نخب نظافتنا، فتاريخنا لا مكان فيه للأوساخ ،نحن منزهون عن الأوساخ ! نحب من الثوب الأبيض النظيف ! هو اللباس و الكفن ! هو في ثقافتنا العربية رمز للطهر وصفاء النفس !! فلماذا لا يكون تاريخنا أكثر بياضا من لباسنا ؟! أن يكون صفحة بيضاء ،خالية مما نعتقده مجرد خربشات ! فنحن نصنع التاريخ لكن على مقاسنا ، وليسجل تاريخهم تاريخنا ، فنحن خيرأمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر !

دارة القمر تضيء ، تلمع ، جمالا ، ! على ظهر ذلك الجبل الملتصق بناصية الأرض كالقرادة ،تتربع و تمسح عنه غبن الظلام و من على وجهه وشا ح السواد ! يسري نو رها في تلافيف السماء التي تلتقي زرقتها بزرقة البحر ، زرقة اللانهاية ، يستحوذ عليها السواد ! يبتعد القمر عن الارض شيئا فشبيئا يتجاوز قمة الجبل بسلام كما تجاوز الحكي عن التاريخ العربي : كآلهة الجمال تغار منها الشمس ! تخط جمال الجمال على جمال أديم السماء الجميل ! فلتجمع هذه الجيمات والميمات ربما تعطينا جملة مفيدة : جمجم ،جمجم وأنا افهم ! هذه جملة ربما تنجينا من حر السؤال ! ولنتمتع بذلك النور عند كل مقدم للقمر!

عند اكتمال هالة القمر ! خجل هالة القمر ! وحياء هالة القمر ! ولنستمع لما تحكيه لنا عنا وعن تاريخنا ! ربما يساعدنا على تشكيل وعي جديد ، وبناء تفكير يليق بدقة المرحلة !
هالة القمر : تجلي جمال الحقيقة في كل شيء ! فويق الجبل بضع مسافات ! تكتمل الدارة :غانية غجرية حوراء ، مربط الحصان المجنح، البجاسوس حصان الشعراء! هالة القمر ترسم اشكالا واحجاما تغنى بها الشعراء ! هام بها العشاق !! فسرها وأفاض في تفسيرها العلماء ! وقدسها اجدادنا !وقدسناها من بعدهم !اختلفنا في التفاسير ! و اتفقنا على : مبدعة ، خلاقة ، صريحة ، شجاعة هالة القمر !

ستحكي لنا التاريخ ، ستمسح على وجهه بخرقة الحقيقة ،هنيئا مريئا ،إلمعي كما يحلو لك وأومضي كما تشائين ، فقد تجاوزت التاريخ النظيف ،غوصي في صغائرهم ودناياهم وعدي خطاياهم ، واتركي تاريخنا نحن فهو غني عن حكاياتك وليس في حاجة إلى وميضك ، يا هالة القمر ! فنحن قوم ألوف الكلب ، هزيل البعير ! محمر كالدجاجة ، في بضع أكياس من الأرز الصيني الممتاز ، لكنه لا يكفي إلا شخصا واحدا !
هالة القمر ترسم جلجامش ثلثه آلهة وثلثاه بشر : الوحش يصارع الوحش ،صراع الوحوش أيكيدو هشيم تحت حوافرها ! جلجامش يهزم خمبابا ! جلجامش يقتل خمبابا !

ايكيدو شاهد عيان . لم يشارك في اقتراف الجريمة ! بريء من القتل ،براءة الذئب من دم يوسف ! لبس لباس القتل قهرا ، كلام جلجامش هو الكبير !.ومن يتجرأ على أن يخالف ما يراه ، يعتقده، يحسه أو يقوله جلجامش ! يموت أيكيدو ! يفشل جلجامش في تحقيق الخلود ! تهزمه حية رقطاء ! يتفشى العداء بين الزواحف والبشر ! يسن قانون فناء البشرية ،عبء جديد على كاهل التاريخ الا النظيف منه !
هالة القمر تحكي لنا حكاية الحاكم والمحكوم القوي والضعيف ،الفيل والنملة ! بو فسيو والسبع : ونحن صغار تعلمنا : "لا تحتقر كيد الضعيف ربما تموت الأفاعي بسموم العقارب" ،

وعندما بلغنا سن الرشد علمتنا الحياة أن" البقاء للأقوى" ومما حكوا لنا وتبرأت منه هالة القمر : ان بوفسيو طائر اصغر من حبة التين تحدى الاسد واحتل العرصة التي كان يستظل بظلها ، فنشبت بينهما حرب ضروس ، بين ذات الحوافر والاظلاف ، ومختلف الحشرات والناموس والبعوض ، ولازالت الحرب قائمة الى يومنا هذا .ولا زالت هذه الكائنات المجهرية تستبيح جسد ملك الغابة ، وتفتض بكارة هيبته !
هالة القمر تحكي لنا أن :نيرون أحرق شعبه ،آه عفوا أحرق مدينته لكن فيها شعبه ! روما يلفها اللهب ! تستغيث ، بمن ؟! لا احد يسمع صراخها ! يغتصبها نيرون ! يغتصب شعبه ! ومن بمقدوره سماع ضحية نيرون ! الخوف يأخذ منهم السمع والبصر ، إنه نيرون ! لكن من هو نيرون ؟ : طاغية لم يحسن اختيار شعبه ! اختار الشعب الخطأ ! اللعبة الخطأ ! هو يستحق كل شعوب الارض! يسحق كل شعوب الأرض !

شعبه لا يستحقه ! فليحرق هذا الشعب ! يختار غيره ! الشعوب كثيرة ! إنها كالأحذية ! و الأحذية لها مقاسات ! نيرون لا يختار إلا المقاس الذي يليق بقدمه المقدسة ؟ قدمه التي تسحق الشعب كالبعوضة ! الشعب كله لا يساوي فردة حذاء نيرون ! يحب ان يتمتع بشعبه الجديد ويمارس السلطة والتسلط ! القديم يشوش عليه ! فلتحرق المدينة عامرة لا خالية ! فلتحرق وفيها شعبها ! الشعوب كلها مضغة شوينكوم ،مستورد ! يسحقها الفكان ! يتعب الفكان من المضع والطرطقة ! ترمى في مزبلة التاريخ ! مزبلة التاريخ ملأى بشعوب ، رفضها حكامها ! لم يستسغها ذوق هؤلاء الحكام ! هؤلاء الشعوب تحكي عن مآسيها هالة القمر ! دارة القمر!
هالة القمر شاهدة على جميع جرائم أمثال نيرون وما أكثرهم ،منذ أول جريمة ترتكبها يد إنسان في حق أخيه الإنسان ! منذ هابيل وقابيل إلى محرقة روما، إلى المحرقات البشرية منذ فجر التاريخ إلى القرن الواحد والعشرين : جدلية الجلاد والمجلود ! القاتل والمقتول!الظالم المظلوم ! إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها !

هشام صالح ~~~~~~~~~~~~~~ مخيم أمسا/ تطوان 4/8/2015